بسم الله الرحمن الرحيم
عند الحديث عن أنابوليس وما قد يرتب مستقبلا لا بد أن يكثرالحديث عن المشروع الوطني الفلسطيني لدرجة الاجترار، حتى أن الذين لا يتفقون مع مضمونه سيتعلقون بحبائله وهم يدركون تماما أنهم مختلفون معه ومع أهدافه ، لدرجة أن من يناقضونه أصبحوا يضللون الشعب الفلسطيني ، عبر التملس به في محاولة منهم للأستقطاب الجماهيري وهم العاملين على نسفه من أساسه في أي وقت يستطيعون ذلك ، بالضبط كما عملوا على نسف التجربة الديمقراطية الفلسطينية التي استخدموها كحصان طروادة ، فاذا بهم ديمقراطيون لمرة واحدة ، وانقلابيون دائما ، أما الاخرين فهم البائعين للثوابت بالنسبة لهؤلاء المتملسين.
ولكننا عند الحديث عن المشروع الوطني و مفهوم الوطنية الفلسطينية ، لابد أن نستذكر التاريخ الانساني ، لنعرف أن التجارب الايديولوجية الانسانية أكدت الهزيمة السياسية التاريخية للأيديولوجية الدينية عبر هزيمة الكنيسة على مستوى العالم المسيحي ، وهزيمة الاسلام السياسي نهاية بانتهاء الخلافة التركية التي كانت وريثة الدولة السياسية الاسلامية ،كما ولحقت الهزيمة السياسية بنظريات القوميات ، عندما ذهبت القومية الألمانية النازية
أدراج الرياح والعواصف في حروب طاحنة ، والتحقت بها في الهزيمة الكينونة السياسية للاشتراكية السوفيتية ، ولم يثبت ولم يصمد على مدار التاريخ الانساني سوى انتصار التجارب الوطنية ونضالاتها عندما تتجرد من العوالق التي تجرها للهزيمة ، وأكبر دليل على ذلك تجربة جنوب أفريقيا مانديلا ، وعند وضع التجربة الوطنية الفلسطينية على محك التحليل وما يجب أن يكون ،فعلى السياسيين الفلسطينيين ، الخروج من رومانسية وأحلام الأفكار المهزومة تاريخيا وما عليهم الا الصدق والاعلان الواضح عن مفاهيمهم وقناعاتهم ، دون ديماغوجية ودون انتهازية سياسية ،تجعلهم من اللاعبين على حبال السيرك السياسي الاقليمي تارة ،والقومي تارة والديني تارة أخرى، وهنا تكمن استحقاقات الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني ، ولنكن أكثر تفهما وصدقا مع أنفسنا ،ولانستطيع أن نحقق ذلك الا عبر دراسة الوطنيات العربية ، المصرية التي أعادت أرضها والأردنية كذلك، والسعودية ، والقطرية ، والمغربية ، والخليجية حتى سوريا التي لم تشارك في انابوليس الا عندما بحثت عن مكان لمصالحها بغض النظر عن نجاحها من عدمه وغيرها على مستوى العالم العربي ، وكيف تعمل حكوماتها على تحقيق مصالحها ، وبالتالي مصالح شعوبها وهذا حق يجب ألا ننكره عليها ،ولكنه يحتم علينا أيضا فهم استحقاقات الوطنية الفلسطينية ومصالح الشعب الفلسطيني عبر واقعية لا لبس فيها ، وصدق سياسي جرئ ، يحتاج الى سياسي وزعيم جرئ أيضا ، ومن واقع ايماننا العقائدي ، اذا ما كنا مؤمنين بالله ، فان الثابت الوحيد هو الله ولا ثابت آخر غيره ، واذا ما كنا غير ذلك فان الثابت الوحيد هو التغير ، فما بالنا نتحدث عن ثوابت
أخرى في السياسة الفلسطينية نعلم أنها متغيرة ، وهذا لا يعني التخلي عن حقوقنا في مضامينها كلها، وذلك لطبيعة السياسة نفسها المتغيرة دائما ، والتي أثبتت على مر العصور بأن لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، وعليه فان مصالح الشعب الفسطيني هي في الوطنية التي تحقق هذه المصالح ، وهذا هو بالضبط ما على المفاوض الفلسطيني أن يدركه وأن يستدركه عند جلوسه على طاولة المفاوضات مع الطرف الاسرائيلي ، حتى يمكن اصلاح ما أفسده الدهر في اتفاقات آوسلو واتفاق باريس الاقتصادي ، وعدم السماح للاحتلال بالهروب كيفما يحلو له وكما يريد ، دون أن يدفع فاتورة استيلائه على أرض شعب منذ عام 1948 ، ودون أن يدفع فاتورة احتلاله لنا منذ عام 1967 واستغلاله لكل مقدراتنا ، وكم تساوي من المليارات اذا ما قمنا بتحويلها الى أرقام ، و دون أن يتحمل عبئ مئتي وخمسين ألف عامل يوميا ، يزدادون بازدياد نسبة عدد السكان الفلسطينيين سنويا ، ونحن الذين نعلم مدى شح الموارد الطبيعية الفلسطينية ، التي عجزت وبركت كالجمل أرضا ، وكان ذلك جليا قبل الانتفاضة الأخيرة ، عندما حاولت السلطة أن تتحمل القوى الفلسطينية العاملة ، فهل للسلطة القدرة على تحمل هذا العبئ ؟ وهل لها أن تحول الشعب كله الى جيش من الموظفين ؟ في دولة لا موارد لها لتصبح كأي دولة أفريقية فقيرة لا حول لها ولا قوة ، وكيف سيستمر أي اتفاق سلام مع دولة جارة لها حجم موازنة سنوية معلنة لا تقل عن مئة مليار دولار ؟ هذا غير ما خفي منها !؟ أم أن المطلوب من الشعب الفلسطيني أن يبقى بوقا ورأس
حربة للايديولوجيات السياسية المهزومة والهاربة دوما من واجباتها تجاهه ؟ ومن استحقاقات حياته ؟ اقليمية كانت أو دولية ، و منها الوطنيات العربية الباحثة عن مصالح شعوبها وهذا حقها كما أسلفنا ، وكيف سنبقى نسمح لاسرائيل بالهروب من التزاماتها عبر التنصل الكامل ؟ بحجة وبدعة الانفصال الاحادي الجانب عن الأراضي الفلسطينية ؟ ونفرح بدولة مستقلة لا حول لها ولا قوة ، في حين أن دولا آوروبية وامبراطورية أمريكية فرطت في وطننا وأرضنا وأعطته لمن لا يملكه محاولة اغرائنا بدولة مستقلة ذات سيادة في زمن انعدمت فيه السيادة للكبار ، فما أدرانا بالصغار ، لنشبه بذلك الى حد بعيد ، ذلك الوليد الذي منحوه وأعطوه زجاجة فارغة من الحليب وحرم من صدر أمه الحقيقية أو حتى من صدر مرضعة مستعارة !؟ فكم سيستمر في الحياة !؟ وما هو مصيره !؟ هل سيلعق مخلفاته في أحسن الأحوال !؟ واذا انتهت هذه المخلفات ان وجدت أصلا!؟ فكم سيستمر في العيش!؟ ألن يكون مصيره الموت المحتوم !؟ أسئلة على شعبنا وقيادته ومفاوضيه أخذها بالحسبان حتى لا نقول يوما : ( ياريت اللي جرى ما كان ) وهذا لا يعني بأي
حال أن لانستفيد من فرصة العام لأنابوليس
لتوضيح
منقول
تحياتي لكم